Friday, August 15, 2008

أريد أن أتوب


لم يجد السعادة التي يتحدثون عنها دوماً يوماً ,سئم الحياة لدرجة أنه تمنى الموت,لم تفلح كل ملذات الدنيا أن تلهيه وتهب
له الراحه والطمئنينه التي كان يجدها في أحضان أمه ,كان يتمنى كل يوم أن تفارقه الحياه إلى الأبد ,كل يوم يتوقع أن
يجدوه قد فارق الحياه بين أحضان إحداهن أو في جلسة تحشيش من جلساته المعتادة أو قعدة تعاطي , جرب كل أنواع
المهدئات والمكيفات والمخدرات والأقراص والحقن ,كانت نشوة قصيرة سرعان ماتخبو نارها ,ويبقى هو بين ركام
الإحباط والحزن , يتذكر جيداً تلك الليلة التي رافق فيه إحدى العاهرات التي إشتهاها ,إصطحبها إلى منزله , وما أن
همت في خلع ملابسها ورآها تتعرى أمامه حتى شعر بالتقزز , لم تكن المره الأولى التي تتعرى النساء أمام عينيه ولكنه
تلك المره بالذات شعر بإحتقاره لنفسه , شعر بتقزز رهيب يجتاح صدره ,هرول إلى الشارع عاري الصدر وحافي
القدمين كالمجنون الذي أصابه مس ما ,صرخ كالمجنون رافعاً رأسه في السماء
خذني , إقتلع روحي وألقي بها في أسفل سافلين في قعر جهنم مع السفلة والشياطين ,فربما يكون الجحيم أرحم علي من تلك الدنيا

ربما يكون شياطين الجحيم أرحم من شياطين الدنيا , أنا عاصي , تراني وأن أذنب وأفعل مالايُفعل , وتتركني , ما من معصية لم أفعلها ما من فاحشة لم أرتكبها , سئمت من أجساد العاهرات الكريهة , سئمت من تلك الحياة ,
أين أذهب ...أين ؟
.

بائت محاولته للتوبة بالفشل , كلما أقرها كلما عاد لسابق عهده , رمضان الماضي أهداه أحدهم شريط يتحدث عن التوبة والمعصية للشيخ محمد حسين يعقوب , أرتجت أوصاله وجوانبه حينما سمعه, قرر دخول المسجد , توضأ وصلى وأنتظم ,كانت مجرد حركات , موجود بجسده في المسجد ولكن عقله تائه , تتراءى له النساء العاريات في صلاته ,نساء قابلهن وعاشرهن ,يدرك تماماً أن صلاته تلك ملقاه في وجهه لامحاله , عاد مرة أخرى وكانت عودته تلك أسوء بكثير , أقام له أصدقاءه حفلاً , كانت قطع الحشيش توزع كالحلوى والسجائر والأقراص ترمى في الهواء كما لو كانت ملحاً يُرش , عاشر أربع نساء في تلك الليله وكأنه ولد في رحم النجاسة والعهر من جديد ..؟

في صباح تلك الليله أستيقظوا على كارثه وجد أحد أصدقائه ممدداً على بطنه ووجهه ممرغاً في طبقاً من الهيروين , مات ,نعم مات ,كأنها رسالة تذكير ,تذكره بأن هذه هي الميته التي يتمناها , هيا أيها المغوار جربها تلك الميته بين الكؤوس وأطباق الهيروين وأثداء العاهرات , في تلك اللحظة بكى ولكنه لم يبكي على صديقه ,بكى على حال أمه هو لو مات نفس تلك الميته , تخيل حزنها المرير , يتذكر أيام كان صغيراً وتبعده أمه عن أبيه الذي كان لا يمل من ضربه , يتذكر كيف كانت تُخفي السياط المدهونه بالزيت والجنازير الثقيله ومع ذلك تركت أثراً حتى اليوم في ظهره وجسده النحيل,بات ينظر بريبه في الشوارع والطرقات إلى ذوي اللحيه ومرتدي الجلابيب ,بات يخاف أن يكونو جواسيس جاءوا له بالمرصاد من طرف أبيه , أبيه الذي أرغمه على دراسه لم يحبها يوماً ما ولم يهواها ,ومازال يرسب حتى الأن فيها..؟
يحيى مازالت تزوره أطياف إبنة خالته ,تلك الأيام التي كان يهرب فيها من ضرب أبيه المبرح , بعد أن باءت محاولات الأم بالفشل الذريع , كان في تلك الليالي ينطلق إلى بيت خالته , تحتضنه ,يبيت تلك الليله في سريرها , يظل ينتفض ويرتعش في الفراش كما لو كان أصيب بحمى ولا تكون سوى كوابيس السياط والجنازير ,كان كل البشر يعاملونه كما لو كان شيئاً لاقيمة له كأنه سيصيبهم بعدوى لاشفاء منها , ينظر في عيونهم ولايرى سوى نظرات الإتهام والإزدراء
يتمنى أن يعود شخصاً طبيعياً , كلما نظر إلي إبنة خالته يشعر بخجل ,لولا أنه يدرك أنها ليست ملاكاً ,ولكن يشعر أن نظرتها ثاقبه تفضحه يكون أمامها كالشيطان المكتوي بنار خطاياه ,تنظر له يتمنى أن تطهره يوماً ما بيديها النقيتان تمر بهما على رأسه فيولد من جديد ...؟
ستسعادني على التطهر ولكن هل تقبل بشيطان مثلي ,فهي ليست مثل بقية النساء اللائي قابلتهن , كأنها من مادة مختلفه"؟
مازال يتمنى أن يصبح شيخاً يأتيه طلاب العلم ليطلبوا العلم على يديه , وهل هناك أبسط من ذلك ؟