Saturday, December 13, 2008

لن تبقى بريئاً


صمت في صمت ...يحدق في الجريدة مع أنه لايقرأ ,الكلمات هي كل مايمتلكه , تهتز الحروف على سطح الورقة وتتراقص وتهتز أنامله التي تتشبث بالأمل الوحيد للبوح ,وطن تلك الكلمة التي تحمل أكثر مما نظن , تحمل الكثير , ظن أنه سيكون قادراً على أن يغترب عن وطنه الذي لم يجده بعد
يعلم في قرارة نفسه جيداً أنه يُكابر في بحر هائج ويبحر بأشرعة متكسرة , فشِل كثيراً ..لايمتلك أكثر من الفشل , ربما الخوف أيضاً... الخوف من اليابسه والرسوّ ..كأنها لعنه ...يقتنع أيضاً أن خوفه هو السبب الوحيد لبقاءة حتى الأن ...ربما تلاطم الأمواج أكثر رحمة من وطن يحمل بين طياته الحرية والأسر ......هكذا هو الحب عندما يحتضنك بقوة تجد في عينيها وطناً وردياً في نعومة وسادة قطنية خفيفة وفي ذات الوقت أشواكاً وأصفاداً تتسلل إليك وتندس في جلدك
أعيش مغترباً بين الأمواج أم في وسادة قطنية مرصعة بالأشواك ؟ كلاهما آلم
متى ستتحرك من ذلك المكان , هل ستظل قابعاًَ في ركنك المظلم
عندما تُجرح ستتألم وحدك وستبكي وحدك لن يشاطرك أحداً آلم مهما كان ,مهما ظهرت عليهم علامات الحزن إنه مجرد ألم معنوي فقط لكن الألم الحقيقي أنت من تشعر به فقط
نعم صدقت
أكثر ما يصعب تفسيره هو سلوك بعض الأشخاص من حولنا ,سلوك أو تصرف غير متوقع القيام به , لاتتوقع أبداً أن تكون الطعنة من أقرب الناس إليك ,أخيك ربما صديقك ربما أبيك , إنها المشكلة الأبدية للأنسان سلوكه الغير متوقع لسنا هنا بصدد إحدى الملاحم اليونانية والرومانية بل أكثر... ملحمة بشرية , أن يطعن الأخ أخيه ويُدمي أولىَ صفحات البشرية , أن يقتله

القلوب كالزجاج كثرة المشاكل تُكثر فيها الشروخ العميقة التي تتزايد مع الوقت حتى تستحيل الحياة معها
ماذا يحدث عندما يُشرخ الزجاج ...يستحيل إعادته إلى سابق عهده..تكون نهايته دوماً معروفة بعد أن يضيق القلب ذرعاً بالشروخ والتصدعات...يتفتت
معظم العلاقات بين الناس في بدايتها تكون كالطفل الصغير ....علاقات بريئة وصافية ...ورقة بيضاء خالية من الشخابيط والكتابات ...علاقات لم تلوث بعد ..يكبر الطفل ويصبح يافعاً ..لم يعد بريئاً ولاصافياً ..لم يعد تلك الورقة البيضاء الخالية ...بل امتلأت بالشخابيط والكتابات المختلفة ...أصبح ملوثاً ...لم يتركه من حوله وحيداً بل تركو بصمتهم داخله ..شاء أم أبى ...لن تبقى بريئاً...بل ستظل علاقات الناس بعضهم ببعض ملوثة بالمشاكل
إنها كقطعة زجاج مليئة بالشقوق والتصدعات ..هل تستطيع أن تعيدها خالية مرة أخرى...نهاية قطعة الزجاج تلك ..هي أنها تتكسر في النهاية إلى الأبد ويستحيل إصلاحها أو إعادة القطع ملتصقة كسابق عهدها