Wednesday, October 15, 2008

عُقد أنفرط


نصف صف تقريبا كأنهم عقد لؤلؤ مرصوص أنفرطت جُل حباته وماتبقى إلا القليل
كان بالأمس صفين , يتناقص يوماً بعد يوم بعد أن كان ممتلئاً عن أخره , ماذا حدث هل أصيب الناس فجاءة بجمود وجحود في القلب , كان المسجد بعد صلاة الفجر كأنه خلية نحل , تستمع فيها إلى ما هو أرقى من النغمات والسمفونيات المؤلفة بدون نوته موسيقية , كانت همهمات المتعبدين بالقرآن المتناغمه في حلقات نورانية خلاقة وبديعة , فتاة صغيرة ترفرف بأجنحتها بين بساتين الحلقات النورانية , وبسمتها الشقية مطبوعه على وجهها , مرتديه لعباءة سوداء قصيرة تظهر من تحتها طرف فستانها السماوي المزركش وحجاب يظهر من تحته خصلات ذهبية شاردة
تمتد يد أحدهم لتوقظني من شرودي وتخيلاتي , كل عام وأنت بخير ,عيد سعيد , أصافحه في حرارة وأظل واقفاً أنظر إلى المسجد الفارغ من حولي والمصلين يهنئون بعضهم بعضاً , هنا كانت خيمة صغيرة للمعتكفين وهنا حلقة الأطفال وهنا يجلس الشيخ وحوله تلامذته يتلون القرآن وأجسادهم تهتز في حركة مكوكية متناسقة مع بعضهم البعض , وفوقي مُصلى النساء حيث تستمع إلى همهمات رقيقة لاتكاد تميز منها شيئاً ,هنا بجوار ذلك العمود كنت أجلس ,هنا كنت أتمدد على أرض المسجد وعينيّ معلقه في السماء , هنا بضع دمعات وزفرات , هنا لم أشعر بزمن ولاوقت يمر ,هنا شممت رائحة طيب في السجود وودت ألا أقوم أبداً, هنا كان يجلس شيخاً ذو لحية بيضاء كبياض الثلج ذو مسبحه خشبية طويلة ورفيعه,مكانه كان هنا تحت النافذة ,كان يجلس سانداً ظهره على الحائط مطأطأ رأسه ,كل جسده ساكن إلا أصابعه وشفتيه ولسانه ..قبل أيام قليلة من العشر الأواخر أصبح مكانه تحت النافذة شاغراً ,
أرفع حذائي من فوق الرف وأتوجه إلى الباب ,أرتدي حذائي وأمضي في سبيلي مُلقياً نظرة على المسجد متحسراً على أيام مضت متسائلاً هل أنا متيقن من بلوغ رمضان القادم؟
Pics From Flickr

Saturday, October 04, 2008

فلذة

26/9
1
بعد ولادة متعثرة ,أوشكت الأم أن تسلم راياتها لليأس بعد أن أخبرها زوجها " أستعوضي الله فيه " ,فرحة خاصة وسعادة بالمولود الأول ..كما يطلقون عليه البكر ..وخاصة إذا كان ولداً ,قاست كثيراً ,تعود إلى فراشها بعد آلام وضع وأحضانها فارغه , سريره الصغير فارغاً , حتى الحقيبة المملوءة بملابس جديدةبأحجام صغيرة لم تفتح , لم تفرح كما تسعد النساء دوماً وهن عائدات وفي أحضانهن أطفالهن ,بل قضت الليل في البكاء , وزيارات متقطعة من خلف ألواح الزجاج الشفافة التي شهِدت على حرارة دموعها , وهي ترقبه راقداً في أحد الحضانات ساكناً , يرتفع صدره الصغير ويهبط , نال العناية من الممرضات قبل أمه ,
---------
2
بفقدان الجدة لأكبر أولادها ...ظلوا يخفون خبر موته عنها أحد عشر عاماً .... أحد عشر عاماًوهي تراه في منامها بعيداً ..تراه في
عيونهم حزناً ...كمداً ,تشعر ولكن ...؟
دموع جفت ,وقلب محروق على فلذة الكبد,على الضنى ..على الإبن
ضنى ...هل هي من ضعف وشقاء ..هل ضعف الوالدين هو ولديهما ..هل هو نقطة ضعفهما لذلك سُمي ضنى
فلذة كبد ..أي قطعة من الكبِد ...لماذا ليس فلذة قلب
3
تصب على رأسه الماء بحنو ,تمشط شعره , وتلبسه مريلته , تتابعه بعينيه وترقبه حتى يركب , الأن مازال صغيراً في عينيها أيضاً وإن كان أصبح أطول منها , تحتضنه ,كأنها لاتريد أن ينتزعوه تريد أن تزرعه جنيناً بين أحشاءها ترمقه بنظرات الحسرة وتشم أخر ماتبقى من شذاه كأنها تملئ مقلتيها بملامح وجهه ,تصب عليه الماء وتلبسه رداءه الجديد يحملوه ..ترقبه ..تصرخ وتجري.." نسيت شيئاً تخرج مشطاً تكشف وجهه ..تمشط شعره
ليست هناك كلمات يمكن أن تصف آلم أم على فقدان إبنها
وليست هناك كلمات يمكن أن تصف عطاء أم
وليست هناك كلمات يمكن أن تصف حب أم
--
عندما تنظر في عينيك ..وتشعر أن هناك شيئاً ما ..تقرأك ,تعرفك أكثر من نفسك .. ومالعجيب في ذلك ألست قطعة منها ؟
العجيب أن تتمرد تلك القطعة على أصلها