Saturday, October 04, 2008

فلذة

26/9
1
بعد ولادة متعثرة ,أوشكت الأم أن تسلم راياتها لليأس بعد أن أخبرها زوجها " أستعوضي الله فيه " ,فرحة خاصة وسعادة بالمولود الأول ..كما يطلقون عليه البكر ..وخاصة إذا كان ولداً ,قاست كثيراً ,تعود إلى فراشها بعد آلام وضع وأحضانها فارغه , سريره الصغير فارغاً , حتى الحقيبة المملوءة بملابس جديدةبأحجام صغيرة لم تفتح , لم تفرح كما تسعد النساء دوماً وهن عائدات وفي أحضانهن أطفالهن ,بل قضت الليل في البكاء , وزيارات متقطعة من خلف ألواح الزجاج الشفافة التي شهِدت على حرارة دموعها , وهي ترقبه راقداً في أحد الحضانات ساكناً , يرتفع صدره الصغير ويهبط , نال العناية من الممرضات قبل أمه ,
---------
2
بفقدان الجدة لأكبر أولادها ...ظلوا يخفون خبر موته عنها أحد عشر عاماً .... أحد عشر عاماًوهي تراه في منامها بعيداً ..تراه في
عيونهم حزناً ...كمداً ,تشعر ولكن ...؟
دموع جفت ,وقلب محروق على فلذة الكبد,على الضنى ..على الإبن
ضنى ...هل هي من ضعف وشقاء ..هل ضعف الوالدين هو ولديهما ..هل هو نقطة ضعفهما لذلك سُمي ضنى
فلذة كبد ..أي قطعة من الكبِد ...لماذا ليس فلذة قلب
3
تصب على رأسه الماء بحنو ,تمشط شعره , وتلبسه مريلته , تتابعه بعينيه وترقبه حتى يركب , الأن مازال صغيراً في عينيها أيضاً وإن كان أصبح أطول منها , تحتضنه ,كأنها لاتريد أن ينتزعوه تريد أن تزرعه جنيناً بين أحشاءها ترمقه بنظرات الحسرة وتشم أخر ماتبقى من شذاه كأنها تملئ مقلتيها بملامح وجهه ,تصب عليه الماء وتلبسه رداءه الجديد يحملوه ..ترقبه ..تصرخ وتجري.." نسيت شيئاً تخرج مشطاً تكشف وجهه ..تمشط شعره
ليست هناك كلمات يمكن أن تصف آلم أم على فقدان إبنها
وليست هناك كلمات يمكن أن تصف عطاء أم
وليست هناك كلمات يمكن أن تصف حب أم
--
عندما تنظر في عينيك ..وتشعر أن هناك شيئاً ما ..تقرأك ,تعرفك أكثر من نفسك .. ومالعجيب في ذلك ألست قطعة منها ؟
العجيب أن تتمرد تلك القطعة على أصلها

3 comments:

alshared said...

ما هذه العذوبه المختلطه بالحزن والشجن

ليس لدي ما أقوله سوي أبدعت

أن تفقد أبن وكأنك فقدت نفسك

تحياتي

Esraa Hamed said...

ثلاثة من روائع القصص التي قرأتها رغم ما يحملون من اسيً الا ان بين طياتهم معان ربما من اروع المعاني


تحياتي لك علي ما خطته يداك
في انتظار جديدك ان شاء الله

emad.algendy said...

واعشق عمري لاني اذا ما مت اخجل من دمعة امي
"محمود درويش"
اسمعها بصوت مارسيل خليفة

حقيقة ...البشر لم يتوصلوا بعد لابجدية تفي الام حقها شكرا وامتنانا وتقديرا
عطاؤها لايمكن وصفه
حضن دافىء من امي او لمسة حانية او نظرة بسيطة تكافىء الكون بما فيه

في عامي الجامعي الاول هنا بوطني
وبعد ان فارقت امي لسفرها
كنت استيقظ كل يوم مفتقدا شيء ما
شيء ما كنت ابحث عنه كل صباح ولا اجده
لم اكن اعيره اهتماما
لكن بداخلي شعور بالفقد والخواء لم اجد له تفسيرا
حتى تذكرت كلمتين فقط من والدتي
كل يوم وقبل ذهابي للمدرسة كانت تقبلني قائلة:
صباح الخير

لم اعتقد اني ساشتاق لكلمتين وقبلتين بهذا الحد
احيانا كثيرة كنت ابحث عن احتوائها واخضانها في درب اخر

دمت بخير عزيزي
والدتي اشتاق اليك واحبك