
نصف صف تقريبا كأنهم عقد لؤلؤ مرصوص أنفرطت جُل حباته وماتبقى إلا القليل
كان بالأمس صفين , يتناقص يوماً بعد يوم بعد أن كان ممتلئاً عن أخره , ماذا حدث هل أصيب الناس فجاءة بجمود وجحود في القلب , كان المسجد بعد صلاة الفجر كأنه خلية نحل , تستمع فيها إلى ما هو أرقى من النغمات والسمفونيات المؤلفة بدون نوته موسيقية , كانت همهمات المتعبدين بالقرآن المتناغمه في حلقات نورانية خلاقة وبديعة , فتاة صغيرة ترفرف بأجنحتها بين بساتين الحلقات النورانية , وبسمتها الشقية مطبوعه على وجهها , مرتديه لعباءة سوداء قصيرة تظهر من تحتها طرف فستانها السماوي المزركش وحجاب يظهر من تحته خصلات ذهبية شاردة
تمتد يد أحدهم لتوقظني من شرودي وتخيلاتي , كل عام وأنت بخير ,عيد سعيد , أصافحه في حرارة وأظل واقفاً أنظر إلى المسجد الفارغ من حولي والمصلين يهنئون بعضهم بعضاً , هنا كانت خيمة صغيرة للمعتكفين وهنا حلقة الأطفال وهنا يجلس الشيخ وحوله تلامذته يتلون القرآن وأجسادهم تهتز في حركة مكوكية متناسقة مع بعضهم البعض , وفوقي مُصلى النساء حيث تستمع إلى همهمات رقيقة لاتكاد تميز منها شيئاً ,هنا بجوار ذلك العمود كنت أجلس ,هنا كنت أتمدد على أرض المسجد وعينيّ معلقه في السماء , هنا بضع دمعات وزفرات , هنا لم أشعر بزمن ولاوقت يمر ,هنا شممت رائحة طيب في السجود وودت ألا أقوم أبداً, هنا كان يجلس شيخاً ذو لحية بيضاء كبياض الثلج ذو مسبحه خشبية طويلة ورفيعه,مكانه كان هنا تحت النافذة ,كان يجلس سانداً ظهره على الحائط مطأطأ رأسه ,كل جسده ساكن إلا أصابعه وشفتيه ولسانه ..قبل أيام قليلة من العشر الأواخر أصبح مكانه تحت النافذة شاغراً ,
أرفع حذائي من فوق الرف وأتوجه إلى الباب ,أرتدي حذائي وأمضي في سبيلي مُلقياً نظرة على المسجد متحسراً على أيام مضت متسائلاً هل أنا متيقن من بلوغ رمضان القادم؟
Pics From Flickr