Wednesday, January 06, 2010

الحياة بين الوصول والرحيل (صداقة وفراق وحب )؟


رائحة زيت الصبار التي تفوح من بين ثنايا خصلات تملأ العربة بذكريات محببة تتوالى كما لو كانت آلة بروجيكتور لا تتوقف من سرد الصور على جدران الذكريات , أوشكت على الوصول ,علامات معينة على الطريق تقترب تدل على الوصول الوشيك ,لأربع سنوات متتالية ذهاباً وإياباً على هذا الطريق ولكن بحال مختلف ,مدخل المدينة الذي يتغير بإستمرار يمهد للمدينة المكتظة , ينتابني شعور يدفعني للإرتماء في أحضان كل من يسير في الشارع


عشرون أو ثلاثون عاماً لا تختلف كثيراً ولكنها أياً كانت فترة طويلة , فجأة قفزت الفكرة كما لو كانت طفلة شقية تأبى المكوث و السكون , قررت أن تبحث عن صديقات الدراسة والحياة القدامى ,بعد أن افترقن كل منهن في طريق و انقطعت اخبارهن بعضهن البعض , بالتأكيد تزوجن وأصبحن أمهات لشباب وفتيات , بدأت بالبحث عن إحداهن عن طريق دليل الهاتف وبعد بحث مضني وجدت رقم الهاتف الخاص بها , أتصلت بها ,
واذا بصوت صديقتها يجيب : ألو
أيوه سعاد معايا
لا أنا بنتها مين معايا
انا صديقه قديمه لوالدتك , ممكن تديهالي
ماما في معهد الأورام
وضعت سماعة الهاتف وجلست ساكنة من أثر الصدمة , هل تسأل عن صديقاتها الباقيات

عندما يصل الألم إلى حد معين لا يستطيع جسد الإنسان تحمله يفقد الإنسان الوعي , أما آلم النفس ينعكس على الجسد
هذا ماحدث معها عندما لم تستطع تحمل صدمة إنفصالهما ,أصيبت قدميها بشلل مؤقت , لم يستطع هو الأخر أن يتخذ قراراً بأن لا يتصل بها مرة أخرى , حبهما أضحى مستحيلاً بعد أن أجهضه الأهل قبل أن يُولد طفلاً صحيح البدن
وماذا بعد ؟ هل هناك أمل ؟ ......أبتعد عنها إذا كنت تحبها أبتعد , دعها تنساك
سأنتظرك ولكن عدني أننا سنرتبط بعد إنتظاري
وهكذا معلقان هما في حلقة لن تنتهي ...؟
وضعت راحتيها على نفسه المضربة ,روضت ذلك الوحش الهائج بعينيها كما لم يروض من قبل ,لم تأبه بملامحه الفظة بل أكتشفت إنساناً رقيقاً ,هي وحدها من أستطاعت أن تلمسه , لم تتحرك الشفاه أبداً بالكلمات بل كان حباً صامتاً , فقط بفك طلاسم العيون
قدمت قلبي لك بعد أن أزلت أتربة الزمن المتراكمة
قدمت قلبي بعد أن أزلت كل الأشرطة ذات الألوان الباهتة
قدمت قلبي لك مفعماً برائحة حب ربيعي
فدمت قلبي لكي كما لو كان هدية من هدايا العام الجديد مربوطاً بأشرطة وردية
قدمته في كل أعياد الكون في كل الفصول وكل الشهور



يحين موعد الرحيل ودوماً يكون في وقت مبكر بحيث لا تكون الشوارع مكتظة , بل خالية من الناس , لا أجد حتى الناس الذين كنت أرغب أن أرتمي بين أحضانهم , كأنهم أكتفوا بإستقبالي ولم يتيقوا توديعي , استقبل المدينة بشكل وأودعها بشكل أخر , حتى العربة لا تعبق برائحة زيت الصبار